responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 145
الْأَرْضُ، وَالْغَنَمُ تُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ لَبَنُهَا وَالْجَمِيعُ تُجَزُّ أَصْوَافُهَا وَأَشْعَارُهَا وَأَوْبَارُهَا فَيُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَثَاثُ وَالثِّيَابُ وَالْأَمْتِعَةُ كَمَا فَصَّلَ وَبَيَّنَ فِي أَمَاكِنَ تَقَدَّمَ ذكرها في سورة الأنعام وسورة النحل وغير ذلك ولذا قال عز وجل هَاهُنَا لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ وقوله جل وعلا: يُرِيكُمْ آياتِهِ
أَيْ حُجَجَهُ وَبَرَاهِينَهُ فِي الْآفَاقِ وَفِي أنفسكم أَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ
أَيْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى إِنْكَارِ شَيْءٍ مِنْ آيَاتِهِ إِلَّا أَنْ تُعَانِدُوا وتكابروا.

[سورة غافر (40) : الآيات 82 الى 85]
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ بِالرُّسُلِ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَمَاذَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الشَّدِيدِ مَعَ شِدَّةِ قُوَاهُمْ وَمَا أَثَّرُوهُ فِي الْأَرْضِ وَجَمَعُوهُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا رَدَّ عَنْهُمْ ذَرَّةً مِنْ بَأْسِ اللَّهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ لَمَّا جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ بِالْبَيِّنَاتِ، وَالْحُجَجِ الْقَاطِعَاتِ، وَالْبَرَاهِينِ الدَّامِغَاتِ، لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِمْ وَلَا أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ وَاسْتَغْنَوْا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فِي زَعْمِهِمْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ الرُّسُلُ قَالَ مُجَاهِدٌ: قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ مِنْهُمْ لَنْ نُبْعَثَ وَلَنْ نُعَذَّبَ [1] .
وَقَالَ السُّدِّيُّ: فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بجهالتهم فأتاهم من بأس الله تعالى مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ وَحاقَ بِهِمْ أي أحاط بهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ أَيْ يُكَذِّبُونَ وَيَسْتَبْعِدُونَ وُقُوعَهُ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا أَيْ عَايَنُوا وُقُوعَ الْعَذَابِ بِهِمْ قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ أي وحدوا الله عز وجل وَكَفَرُوا بِالطَّاغُوتِ وَلَكِنْ حَيْثُ لَا تُقَالُ الْعَثَرَاتُ وَلَا تَنْفَعُ الْمَعْذِرَةُ وَهَذَا كَمَا قَالَ فِرْعَوْنُ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ [يُونُسَ: 90] قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يُونُسَ: 90- 91] أَيْ فَلَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قد استجاب لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام دعاءه حِينَ قَالَ: وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [يونس: 88] وهكذا قال تعالى هاهنا: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ أَيْ هَذَا حُكْمُ اللَّهِ فِي جَمِيعِ مَنْ تَابَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ولهذا جاء في الحديث «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لم

[1] تفسير الطبري 11/ 81.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست